عدد المساهمات : 18 تاريخ التسجيل : 13/08/2009 العمر : 33
موضوع: هلال رمضان .. جدل الفقه والفلك. الخميس أغسطس 27, 2009 9:04 am
اختلاف المسلمين حول ثبوت هلال رمضان أضحى عادة رمضانية تحمل البشريات بقدوم الشهر الكريم ربما أكثر من الهلال نفسه! باءت كل محاولات التوحيد بالفشل، وأمسى لكل بلد إسلامي هلالها ومواعيد صومها وإفطارها الخاصة.
يكمن الإشكال في الخلاف بين الفقيه والفلكي؛ حيث يرى الأول ضرورة رؤية الهلال بالعين المجردة استنادا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته»، بينما يؤكد الآخر أن بداية الشهر القمري هي الوصول إلى نقطة الاقتران بين الأرض والقمر والشمس؛ وهو ما يطلق عليه المحاق. وحيث إن القمر ليس نجمًا بل جرمًا مظلمًا لا يرسل أي أشعة؛ لذلك لا يمكن رؤيته من على سطح الأرض إلا عن طريق قيامه بعكس الأشعة الواقعة عليه من الشمس، والتي تصل تقريبًا إلى الصفر في وضع المحاق مما يستحيل معه رؤية القمر التي هي الشرط الرئيس في تحديد بداية الشهر، حسب الحديث الشريف.
هذا العام -1430هجرية الموافق 2009 ميلادية- يشهد تطورا نوعيا جديدا في الخلاف بين الفقهي والفلكي تسبب فيه المجلس الأوروبي للإفتاء الذي كان قد أقر في دورته الـ 17 الحسابات الفلكية كمعيار لتحديد بداية الشهور العربية، وذلك بعد مناقشات طويلة وأوراق عمل وأبحاث مستفيضة حول هذا الأمر، إلا أن هذا العام شهد تراجعا في موقف المجلس الأوروبي للإفتاء حيث اشترط المجلس أن يكون هناك إمكانية لرؤية الهلال بالعين المجردة أو بالاستعانة بآلات الرصد في أي موقع على سطح الأرض دون أن ينفي أهلية الحسابات الفلكية للتثبت من الهلال!.
مشكلة وهمية!
يرى الدكتور سيد دسوقي -المفكر الإسلامي وأستاذ هندسة الطيران بجامعة القاهرة- أن توحيد بدايات الشهور في العالم الإسلامي أمر لا علاقة له بفكرة الوحدة الإسلامية، مشيرا إلى أحوال المسلمين قبل 100 عام حيث كان لأهل كل ربع من الكرة الأرضية رؤاهم ومواقيت صومهم مع الاحتفاظ لأهل الحجاز بتحديد موعد الحج .
وتابع دسوقي: "ثمة شطرية رائعة في الإسلام فيما يتعلق بالعبادات، والقرآن الكريم يعلمنا ذلك في قوله المعجز: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}، ولو قال ربنا: فولوا وجوهكم نحوه لأصبحنا في هم عظيم، وما استطاع أغلبنا تحقيق ذلك".
وأوضح دسوقي أن الحسابات الفلكية التي تصدر عن مراكز غربية وتنشرها كل الوسائل العلمية حسابات دقيقة ومطمئنة، إلا أن هذا لا يمنع -طلبا للمزيد من الاطمئنان- أن يتأكد كل قطر بنفسه عن طريق الرؤيا.
الرؤية هي الأصل
من جانبه، أكد الدكتور طه ريان أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف أن الأحاديث النبوية الشريفة الواردة بهذا الصدد كلها تقضي بضرورة الرؤية المباشرة، لافتا إلى إمكانية استخدام المراصد الفلكية في هذه الرؤية إذا تعذرت الرؤية المجردة.
ونبه ريان على خطورة الاعتماد المطلق على الحسابات الفلكية دون الرؤية وكون هذا مخالفا للشرع، مضيفا أن دور الفلك في هذه المعادلة هو دور العامل المساعد الذي يساعد في السرعة الإجرائية لاستطلاع الهلال دون إنجازه.
وعلق ريان على تعذر توحيد وقت الصيام في كل بلدان العالم قائلا: إن سكان الكرة الشمالية يشتركون جميعا في جزء من الليل وهو ما يمكننا من توحيد أوقات صيامهم، أما سكان الجنوب فلا يجري عليهم الصيام إلا إذا رأوا الهلال وذلك حسب جمهور العلماء ما عدا الإمام مالك الذي يرى وجوب الصيام حال ظهور الهلال في أي مكان في الأرض.
يذكر أن أشهر الفلكيين المسلمين الذين تطرقوا إلى موضوع استخدام الحساب الفلكي لتحديد أوائل الشهور الهجرية هم: "البتاني" 850-929م، و"البيروني" 973-1048م، "ونصير الدين الطوسي" 1258-1274م.