الصارم البتار { ..supervisor.. }
عدد المساهمات : 18 تاريخ التسجيل : 13/08/2009 العمر : 33
| موضوع: بنك الاسئلة الاسلامية للشباب المسلم (من كلا الجنسين) الثلاثاء أغسطس 18, 2009 6:05 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
ان شاء الله الموضوع ده حيكون عبارة عن عرض اسئلة ارسلت للفتوى فيها وسيتم عرض الفتوى ومصدرها ان شاء الله ويارب الكل يستفيد
**** السلام عليكم ورحمة الله،
الاستشارة بخصوص غضِّ البصر، لي أختٌ في الله، في بداية الحياة الجامعيَّة، وتشكو لي أنَّها وقعت في ما يسمَّى "الحبّ" نتيجة عدم غضِّ البصر، وطلبتُ منها البعد عن هذا، ولكنَّها بدأت في البكاء بحرقةٍ لأنَّها تدَّعي أنَّها وقعت في الحبّ، والشابُّ الذي تحبُّه من الشباب الملتزم. .. فماذا أفعل معها؟
جزاكم الله كلَّ الخير. أختكم في الله **** ---------- الأخت الكريمة مرحبا بك، وجزاك الله خيراً على اهتمامك بهذه الأخت وحرصك عليها.
وبدايةً أستأذنك في أن أناقشك في المحور الذي حدَّدته لمشكلتك، حيث قلت: "الاستشارة بخصوص غضِّ البصر"، ثمَّ تحدَّثت عن مشكلة زميلتك ووقوعها في الحبّ، وحدَّدت السبب بأنَّه نتيجة عدم غضِّ البصر.
أنا معك في أنَّ النظر هو رائد القلب ورسوله، وكما قال الشاعر: "كلُّ الحوادث مبدؤها من النظر"، ومعك في أنَّ إطلاق البصر دون ضابطٍ يورِد الإنسان ذكراً أو أنثى موارد التهلكة، كما أنَّنا مأمورون من قِبَل الله عزَّ وجلّ بغضِّ أبصارنا عن النظر إلى ما حرَّم الله عزَّ وجلَّ النظر إليه.
ولكنِّي –رغم ما سبق- لست معك في إلقائك اللوم كلَّه والمسئوليَّة على عدم غضِّ البصر وحده، فإنَّ هناك أسباباً حقيقيَّةً أخرى يغفل أو يتغافل عنها الملتزمون والملتزمات ومن يوجِّههم ويرعاهم.
إنَّ الشباب الملتزم والفتيات الملتزمات، لهم أحاسيس ومشاعر وفِطَر، لا تختلف عن غيرهم من أقرانهم، ومحاولة كبت وخنق هذه المشاعر والأحاسيس والفِطَر تؤدِّي إلى عيوبٍ نفسيَّةٍ شديدةٍ تؤتي آثارها الضارَّة على علاقة هؤلاء الشباب بأنفسهم وبالمجتمع من حولهم، وتصيبهم بنوعٍ من انفصام الشخصيَّة، فالعديد منهم قد يعيشون أو "يُظهِرون" أنفسهم في قالبٍ معيَّن، وحينما يخلون مع أنفسهم أو مع بعض الأصدقاء البعيدين عن مجتمع الملتزمين يعيشون في قالبٍ آخر، وهذا يؤدِّي بدوره إلى صراعٍ داخليٍّ يعتلج داخل نفس الشابِّ والفتاة، حيث يتهمَّان أنفسهما بالنفاق والرياء.
ويصاحب ذلك غرس وإشاعة بعض المفاهيم المغلوطة والمبالغ فيها عن غضِّ البصر والاختلاط لحصر أسباب الانحراف فيهما وحدهما، فيُفسَّر أمر الله عزَّ وجلَّ بغضِّ البصر، بوجوب الإغماض التامّ، ويُفسَّر التحذير من آفات الاختلاط غير المنضبط بالفصل التامّ!!.
ودعينا نصارح أنفسنا بأنَّ مثل حالة هذه الأخت كثيرٌ ومنتشر، نقول ذلك من خلال ما يرد إلى الموقع من استشاراتٍ ومشكلات، وذلك يرجع للأسباب التي ذكرناها، وظهور مثل هذه الحالات وانتشارها في أوساط الملتزمين تدعونا إلى ضرورة التفكير بطريقةٍ أخرى في مسألة التربية، طريقةٍ لا تتجاهل وجود الجنس الآخر في الحياة، وتكرِّس مفهوماً واضحاً للتعامل الطبيعيِّ المنضبط مع هذا الجنس، كما كان عليه العهد في مجتمع النبيِّ صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام.
أمَّا إهمال وجود الجنس الآخر، وتحريم وتجريم التعامل معه أو الاتِّصال به بأيَّة طريقةٍ من الطرق، إنَّما هو منافٍ للفطرة البشريَّة، ومحاولةٌ يائسةٌ تصطدم بالواقع الحياتيِّ عاجلاً أو آجلا، فتظهر سلبيَّات ذلك عندما يتعامل هؤلاء الشباب مع المجتمع المنفتح من حولهم، والذي يبدو جليًّا في الجامعة المختلطة بعد حقبةٍ طويلةٍ من الانعزال وغرس جذوره، فتجد -إلى حدٍّ كبير- عدم توافق العديد من الشباب الملتزم النفسيِّ مع زملائهم وزميلاتهم في الدراسة، ومن ثَمَّ العمل، وربَّما تظهر بعد ذلك مشكلاتٌ في حياتهم الزوجيَّة، هذه السلبيَّات ما كانت لتظهر لو اعتاد الشابُّ والفتاة كلاهما على وجود الجنس الآخر، وتعلَّما وتربيَّا على طريقة التعامل المثلى معه وفق الضوابط التي حدَّدها شرعنا الحنيف.
كما أنَّنا نجد من جرَّاء تلك التربية الخاطئة متناقضاتٍ عجيبةً يرتكبها كلُّ من الشابِّ والفتاة الملتزمَيْن دون أن يشعرا، فنجد مثلاً الأخت الملتزمة تعامل كلَّ أصناف البشر، من خدمٍ وبائعين وسائقين وعمَّال، وتحدِّثهم وتكلِّمهم وتشتري وتبيع، بل ربَّما جعلت البائع يفقد أعصابه من كثرة فصالها له، ثمَّ عندما تقابل أخاً ملتزماً في الطريق أو في الجامعة أو في العمل، تضطَّرب وترتبك، وتُعرِض بجانبها، وينقطع صوتها!!! ولا أفهم تبريراً لطريقة التعامل هذه!.
لابدَّ أن نقرِّر في نفوسنا وفي نفوس إخواننا وأخواتنا وأبنائنا وبناتنا أنَّ الإسلام هو دين الوسط في كلِّ الأمور، وأنَّ أحكامه وتقديراته ليست ولا ينبغي أن تكون ردود أفعالٍ للغير، فلا ينبغي أن يدعونا الانحلال الزائد عن الحدّ، والاختلاط غير المنضبط، إلى الانعزاليَّة المفرطة، والتجاهل التامِّ لوجود الجنس الآخر. وسأورد في نهاية الاستشارة عدداً من الروابط الخاصَّة بالموضوع. أختي الكريمة... إنَّ الميل العاطفيَّ نحو الجنس الآخر أو ما يُطلَق عليه "الحبّ"، هو ترجمةٌ وتعبيرٌ عن الفطرة التي وضعها الله عزَّ وجلَّ في نفوس بني البشر جميعهم، مؤمنهم وكافرهم، صالحهم وطالحهم، والإسلام لا ينكر هذه المشاعر ولا يجرِّمها ولا يكبتها، ولكنَّه ينظِّمها ويوجِّهها توجيهاً عفيفاً طاهرا، يحفظ طهارة القلوب والأرواح والأجساد والأنساب. كانت هذه مقدِّمة، ونبني عليها أنَّه إذا لم يتعدَّ الأمر مع صاحبتك مرحلة الشعور وتحرُّك القلب، فلا إثم على صاحبتك إلا من الأسباب التي قد تكون أدَّت بها إلى ذلك، من نظرةٍ محرَّمة، أو حديثٍ غير منضبط، أو غير ذلك، أمَّا إن تجاوز الأمر إلى مقدِّماتٍ للفواحش الكلُّ يعلمها، فالأمر يختلف تماما، ويترتَّب عليه أشياء أخرى، وحسب قولك أحسب أنَّها لم تصل لهذا إن شاء الله تعالى.
فالمرء لا يملك قلبه، ولكنَّه يملك فعله، وهذا بالضبط ما فعله صلى الله عليه وسلم مع أزواجه حين كان يعدل بينهنَّ في الفعل ويعتذر عن العدل القلبيِّ لأنَّه لا يملكه، وقال صلى الله عليه وسلم معتذراً لربِّه تعالى : "اللهمَّ هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك"رواه أبو داود والترمذيُّ والحاكم بسندٍ صحيح، وقال أبو داود: يعني القلب.
وبناءً على ما سبق ففي حالة صاحبتك لا شيء عليها في القلب، ما لم يتحوَّل ذلك لفعلٍ أو مقدِّمات فعل، أو أيِّ تصرُّفٍ ينساق وراء القلب، فهنا يكون الحساب. وقبل أن نتحدَّث عمَّا يجب أن تفعليه معها لتخرجي بها من هذه الأزمة، إيَّاك أن تعنِّفيها أو تشعريها بأنَّها ارتكبت إثماً عظيماً ما كان ينبغي لها أن تقع فيه، وهي الملتزمة، فالهجوم على هذه العاطفة وإنكارها على صاحبها يجعله يزداد تمسُّكاً بها، وتضعف قدرته على مراجعة نفسه، والسير في طريق التخلُّص منها.
وأوَّل شيءٍ يجب أن تفعليه معها بعد استحضار نيَّتك، واحتساب الأجر عند الله عزَّ وجلّ، أن تجلسي معها جلسةً هادئة، وتحاولي معها أن تصلي إلى تشخيص شعورها تجاه هذا الشابِّ تشخيصاً دقيقا، فإنَّنا كثيراً ما نخلط بين الاحتياج النفسيّ، والإعجاب، والحبّ، وغير ذلك، وإن كان بعضها يستتبع بعضا، ولكن لتحدِّدا بدايةً الطريق.
فإن كان الأمر مجرَّد إعجابٍ قلبيٍّ فانصحيها ألا يتجاوز الأمر ذلك، وأن تحرص كلَّ الحرص أن تبتعد عن كلِّ ما قد يحوِّل هذا الإعجاب إلى فعل، وهي أدرى الناس بنفسها، فأيُّ فعلٍ تتأكَّد من أنَّه سيسبِّب لها مشكلةً عليها أن تبتعد عنه تماما غلقاً لهذا الباب.
أمَّا إن كان الأمر أبعد من إعجابٍ قلبيّ، من حيث إنَّه بدأ يدعوها إلى بعض التصرُّفات التي قد تؤدِّي إلى ضرر، فهنا أخبريها -أختي الكريمة- أنَّ العلاج الوحيد في مثل هذه الحالات لا يخرج عن أمرين:-
الأوَّل: أن تتزوَّج تلك الفتاة من الشخص الذي أحبَّته، على شرع الله عزَّ وجلّ، إذا كان الشعور بينهما متبادلا، وكانت أسباب الزواج ممكنةً وميسَّرة، فالنبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: "لم نر للمتحابَّيْن مثل النكاح"رواه ابن ماجه بإسنادٍ صحيح.
وإن لم يتيسَّر ذلك لسببٍ أو لآخر، فليس أمامنا إلا العلاج الثاني، وهو علاجٌ صعبٌ ومؤلم، ألا وهو البتر، نعم البتر، وقطع كلِّ أسباب اللقاء أو الحديث، أو حتى الرؤية لذلك الشابّ.
وينبغي أن يُتَّخذ هذا القرار سريعاً ودون إبطاء، فالتمهُّل والتدرُّج لا يفيدان في مثل هذه الأمور، وإنَّما يؤدِّيان إلى زيادة المضاعفات، وتأخُّر الشفاء، وربَّما استعصى العلاج بعد ذلك.
| |
عدل سابقا من قبل الصارم البتار في الثلاثاء أغسطس 18, 2009 6:24 pm عدل 1 مرات | |
|
الصارم البتار { ..supervisor.. }
عدد المساهمات : 18 تاريخ التسجيل : 13/08/2009 العمر : 33
| موضوع: بقية الاجابة الثلاثاء أغسطس 18, 2009 6:05 pm | |
| ثمَّ انصحيها وأرشديها إلى بعض الأسباب والمعينات التي تساعدها على الخروج من هذه الأزمة سريعا، مثل 1- دوام الدعاء والابتهال إلى الله عزَّ وجلَّ أن يرفع عنها ما هي فيه، وأن يربط على قلبها، وأن يرزقها العزيمة والصبر. 2- ملازمة المصحف دائما، وكثرة القراءة فيه، وانصحيها أن تفتحه في أيِّ مكانٍ وفي أي وقت تتاح فيه القراءة. 3- ذكِّريها بأنَّ هذا العذاب التي تحسُّ بها، والنار المتَّقدة في قلبها، أخفُّ كثيراً كثيرا، بل لا تقارن بعذاب الآخرة ونار جهنَّم، والعياذ بالله. 4- ذكِّريها دائماً أنَّ من ترك شيئاً لله، عوَّضه الله عزَّ وجلَّ عنه، ما هو خيرٌ له في دينه ودنياه. 5- ذكِّريها بما أعدَّه الله عزَّ وجلَّ في الجنَّة من نِعَمٍ ومُتَعٍ لعباده الصابرين المجاهدين لأنفسهم. 6- حاولي على قدر استطاعتك أن تلازميها دائماً وتتابعيها، وشدِّي من أزرها، وقوِّي عزيمتها، وتعقَّبي خطواتها على طريق الشفاء، وسارعي أوَّلاً بأوَّلٍ بإقالة عثرتها، وتسديد خطاها. 7- اعملي على إحاطتها دائماً بالرفقة الصالحة والصديقات المخلصات، ليتعاونَّ معك على إخراجها من هذه الأزمة بشرط ألا يعلمن ما بها حفاظاً على سرِّها، وأشغلن أوقاتها دائماً في الخير والصلاح، بحيث تتناوبن عليها، فلا تتركن فرصةً للشيطان لينفرد بها. 8- اطلبي من أخواتك ومن الصالحين الدعاء لها، ولكن –كما أشرت سابقا- إيَّاك من إفشاء سرِّها لأحد، فلا تفضحيها، وعندما تطلبي من أحدٍ أن يدعو لها، فاطلبي أن يكون الدعاء عامّا. 9- ساعديها على شغل الوقت بالعمل في الدعوة، وحذِّريها من أن يقذف الشيطان في روعها أنَّها لا تصلح من الآن للدعوة إلى الله عزَّ وجلّ، وأنَّها لا تليق أن تلتحق بسلك الأخوات؛ وتنصرف إلى جَلْد الذات وتحقيرها.
أفهميها أنَّ الدعاة إلى الله عزَّ وجلَّ ليسوا ملائكة، وهم معرَّضون لكلِّ ما قد يتعرَّض إليه غيرهم من البشر، وقد قال الله عزَّ وجلَّ في معرض وصفه للمتقين: "والذين إذا فعلوا فاحشةً أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصرُّوا على ما فعلوا وهم يعلمون"، فلم يخلع عنهم صفة التقوى بمجرَّد فعل الفاحشة وظلم أنفسهم، فهم يبقَون "متَّقين" بشرط التذكُّر والاستغفار، ووعدهم ربُّهم سبحانه بالمغفرة وبجنِّةٍ عرضها السماوات والأرض أُعدَّت للمتَّقين، طالما لم يصرُّوا على أفعالهم تلك بعد أن علموا بعدم جوازها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "كلُّ ابن آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التوابون"رواه الترمذيُّ بسندٍ حسن. 10- ساعديها على تجديد نمط حياتها، اخرجا سويًّا للتنزُّه في الأماكن الطبيعيَّة المفتوحة، والفتي نظرها للأشياء الجميلة في الكون، لزرقة المياه، لصفاء السماء، لابتسامةٍ طفل صغير، شجِّعيها على مخالطة المساكين، ومعاونتهم، ومشاركتهم آلامهم والتخفيف عنهم، وجِّهي اهتمامها لمتابعة أخبار المسلمين في فلسطين، وفي غيرها من البلاد،. 11- ساعديها على أن تشغل وقتها، بالعمل في الدعوة –كما ذكرت- ، بممارسة هواياتٍ مفيدة، بالقراءة والاطِّلاع،.. إلخ. وبعد أن يمنَّ الله عزَّ وجلَّ عليها، حاولا معاً أنت وهي أن تتأمَّلاً ثانيةً في الأسباب التي أوقعتها في هذا الأمر، وتحاولا دراستها، حتى لا يتكرَّر الأمر معها، فمن الممكن أن تكون العاطفة لها التأثير الأقوى في شخصيَّتها، وعندها القابليَّة للتأثُّر السريع بها، فإن كانت كذلك، فاغرسي في نفسها أنَّها يجب أن تلجم نزوات عواطفها بنظرات عقلها، وتبتعد عن كلِّ ما يثير عواطفها، أيًّا كانت هذه المثيرات. ويبقى جانبٌ مضيءٌ يجب أن تسترعي انتباهها إليه بعد أن ينعم الله عليها بالنسيان والخروج من هذه الأزمة، وهو الفوائد والعِبَر التي لم تكن لتأخذها إذا لم تمرَّ بهذه التجربة، ومنها لجوءها لله عزَّ وجلّ، وعِلمها أنَّها دائماً في حاجة إليه سبحانه وتعالى، وأنَّ النفس البشريَّة ضعيفةٌ متقلِّبة.
ومن الفوائد الكبرى من هذه التجربة أنَّها كشفت لها عن فهمٍ دعويٍّ لم تكن لتلتفت إليه، إذ هي ربَّما كانت قبل ذلك تستحقر العصاة، وتستنكر أن تقع إحدى زميلاتها أو أخواتها في العشق أو غيره، وتسخر منها، فجعلتها هذه التجربة ترحم العصاة وتنظر إليهم نظرةً أخرى، وتعطف على أخطائهم، وتأخذ بأيديهم، وتعلم أنَّ النفس بين هذا وذاك لا تهدأ، وأنَّ كلَّ نفسٍ فيها الخير حتى وإن خالف ظاهرها ذلك. أختي الكريمة، أعانك الله ووفَّقك وتقبَّل منك، ونذكِّرك مرَّةً أخرى باستحضار نيَّتك، واحتساب الأجر عند الله عزَّ وجلّ. وفي انتظار رسائلك دائما. الفتوى من موقع اسلام اون لاين ... المستشار --أ/فتحي عبد الستار
[/u][/right] | |
|
الصارم البتار { ..supervisor.. }
عدد المساهمات : 18 تاريخ التسجيل : 13/08/2009 العمر : 33
| موضوع: سؤال 2 الثلاثاء أغسطس 18, 2009 6:18 pm | |
| من الضروريِّ على كلِّ مسلمٍ تحرِّي الحلال والحرام، وخاصَّةً إن كان من العاملين في الحقل الإسلاميّ، وقد وجدت بعض الأمور تتمُّ في العمل الدعويِّ وأظنُّها فرديَّة التصرُّف لا يقرُّها المسئولون عن العمل الإسلاميّ: الأمر الأوّل: هل يجوز للمرأة أن تقدِّم برنامجاً من السمر والمرح أمام رجالٍ أجانب، كأن يكونوا مع بعضٍ في حافلة، وطبيعة هذا البرنامج تتطلَّب خفَّة الظلِّ والمرح والابتسامة التي تملأ وجه مقدِّمة البرنامج؟ ألا يُعتَبر هذا من لين القول والخضوع فيه؟ وإن كانت أمِنت الفتنة على نفسها، فهل أمنت من أن يُفتَن أحد الحضور بها، وخاصَّةً عندما يتمُّ هذا الأمر بحجَّة أنَّه عملٌ دعويٌ ولله؟ الأمر الثاني: هل يجوز على النساء اللاتي يعملن في الحقل الدعويِّ أن يقمن بالغناء في العرس في وجود رجالٍ أجانب، وأن يختلط الزوج العريس بهؤلاء النسوة ويسمع غناءهنَّ مع معرفته الشخصيَّة بهنّ؟ نرجو من سعادتكم سرعة الردّ، وجزاكم الله خيرا.
-----------------------------------------------------------------
أخي الكريم رشاد، أوافقك تماماً فيما بدأتَ به حديثك من ضرورة تحرِّي كلِّ مسلمٍ للحلال والحرام، وتزداد هذه الدائرة حجماً حين يتعلَّق الأمر بالعاملين في الحقل الإسلاميّ، لأنَّ الكثير من الناس -شئنا أم أبينا- يعتبرون ما يتصرَّفه هؤلاء الدعاة من الإسلام، ولذلك نبَّه إمامُ المدينة يحيى بن سعيد إمامَ مصر الليث بن سعد -وقد أراد أن يفعل أمراً ليس بالذنب، ولكنه ينافي العزيمة-: "يا إمام، لا تفعل، فإنك منظورٌ إليك". كما أوافقك وأشكرك على حسن ظنِّك بإخوانك وأخواتك حين قلت: "أظنُّها فرديَّة التصرُّف"، فلم تعمِّم، ولم تتَّهم، وأتمنَّى لو أضفت إلى ذلك حسن الظنِّ بمن يقومون بهذا العمل، حتى مع اختلافك معهم واعتبارك لهم مخطئين، فالاختلاف لا يعني سوء الظنّ، وعلى العموم فسنتطرَّق لهذا الأمر بعد قليلٍ بإذن الله تعالى.
أمَّا بالنسبة لسؤاليك، فسأجيبك عنهما بعد أن أذكر ثلاثة أمورٍ هامَّةٍ يحسن وضعها كقواعد في آداب تعامل الرجال والنساء، وهم: أوَّلا: آدابٌ مشتركةٌ بين الرجال والنساء: وهي مجموعة آدابٍ يجب على الرجال والنساء الالتزام بها عند التقائهما ببعضهما البعض، وتشمل: أ- القول المعروف: قال تعالى: "وقلن قولاً معروفا"، فيجب على الرجال والنساء أن يكون حديثهما في حدود المعروف، وألا يتضمَّن منكرا أو لهواً ولعبا.
ب- الغضَّ من البصر: قال تعالى: "قل للمؤمنين يغضُّوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إنَّ الله خبيرٌ بما يصنعون، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنَّ ويحفظن فروجهنّ"، قال الإمام ابن العربيّ: ""يغضُّوا": يعني يكفُّوا عن الاسترسال"، وقال الإمام ابن دقيق العيد: "إنَّ لفظة "من" للتبعيض، ولا خلاف أنَّها "أي المرأة" إذا خافت الفتنة حرم عليه النظر، فإذن هذه حالة "أي حالة الفتنة" يجب فيها الغضّ، فيمكن حمل الآية عليها، ولا تدلُّ الآية حينئذٍ على وجوب الغضِّ مطلقاً أو في غير هذه الحالة".
ج- اجتناب المزاحمة: روى الإمام البخاريٌّ عن أمِّ سلمة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلَّم –أي لانتهاء الصلاة- قام النساءُ حين يقضي تسليمه، ومكث يسيراً قبل أن يقوم"، قال ابن شهابٍ الزهريّ: "فأرى والله أعلم أنَّ مكثه لكي ينفذ النساء قبل أن يدركهنَّ من انصرف من القوم"، ويؤيِّد هذا قوله صلى الله عليه وسلم: "لو تركنا هذا الباب للنساء"رواه أبو داود والسيوطيّ، وصحَّحه الألبانيُّ في صحيح الجامع الصغير. فكما تجتنب المزاحمة في الطرقات والمداخل والمخارج تجتنب كذلك في الأماكن العامَّة.
د- اجتناب الخلوة: روى الإمام البخاريّ عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا يخلونَّ رجلٌ بامرأةٍ إلا مع ذي محرم"، قال الإمام ابن حجر: "فيه منع الخلوة بالأجنبيَّة، وهو إجماع". على أنَّ مسألة الخلوة فيها تفصيلٌ كبير، من حيث شروط الخلوة، وخلوة رجلٍ بجمعٍ من النساء، وما إلى ذلك ممَّا يصعب الحديث فيه هنا، فيحسن الرجوع إليه في كتب الفقه.
هـ- اجتناب مواطن الشبهة: روى الإمام البخاريُّ عن عمر رضي الله عنه أنَّه قال: قلت يا رسول الله، يدخل عليكم البَرُّ والفاجر، فلو أمرت أمَّهات المؤمنات بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب"، وقال صلى الله عليه وسلم: "دع ما يَريبك إلى ما لا يَريبك"رواه الترمذيُّ والحاكم، وقالا: هذا حديثٌ صحيح.
ثانيا: آدابٌ خاصَّةٌ بالنساء: وهي مجموعة آدابٍ على النساء بالذات الالتزام بها، وتشمل: أ- الالتزام بالزيِّ الإسلاميّ: قال تعالى: "وليضربن بخمرهنَّ على جيوبهنَّ ولا يبدين زينتهنَّ إلا ما ظهر منها"، وقال سبحانه: "يا أيُّها النبيُّ قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهنَّ من جلابيبهنّ"، وقال عزَّ وجلّ: "ولا تبرَّجن تبرُّج الجاهليَّة الأولى". فعلى النساء جميعاً الالتزام بالزيِّ الشرعيِّ وفق ما فصَّلته كتب الفقه.
ب- الجديَّة في التخاطب: قال تعالى: "فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض".
ج- الوقار في الحركة: قال تعالى: "ولا يضربنَ بأرجلهنَّ ليعلم ما يخفين من زينتهنّ"، وقال صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أهل النار لم أرهما: قومٌ معهم سياطٌ كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساءٌ كاسياتٌ عاريات، مميلاتٌ مائلات، رؤوسهنَّ كأسنمة البُخت المائلة، لا يدخلن الجنَّة ولا يجدن ريحها، وإنَّ ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا"رواه مسلم. ..
عدل سابقا من قبل الصارم البتار في الثلاثاء أغسطس 18, 2009 6:28 pm عدل 2 مرات | |
|
الصارم البتار { ..supervisor.. }
عدد المساهمات : 18 تاريخ التسجيل : 13/08/2009 العمر : 33
| موضوع: البقية.. الثلاثاء أغسطس 18, 2009 6:21 pm | |
| ثالثا: مبادئ ينبغي وضعها في الاعتبار: وهي: أ- العمل بقاعدة "سدِّ الذرائع": بحيث تكون مقياساً نحكم به لقاء الرجال بالنساء، مع التنبيه إلى أنَّ هذه القاعدة ليست مطلقة، بل لها شروطٌ وضوابط وضعها العلماء، فيجب عند تطبيق القاعدة الالتزام بشروطها. وقد تعرَّضت لهذه القاعدة بالتفصيل في استشارةٍ سابقة، وخلاصة القول فيها أنَّه: 1- ينبغي أن يتوافر شرطان لكي تُمنَع وسيلةٌ موضوعةٌ للمباح: الشرط الأول: أن يكون إفضاؤها للمفسدة غالباً لا نادرا. الشرط الثاني: أن تكون مفسدتها أرجح من مصلحتها وليس مجرَّد مفسدةٍ مرجوحة، ثم لا يكون المنع بعد توافر الشرطين تحريماً قاطعا، بل هو بين الكراهة والتحريم حسب درجة المفسدة. 2- إذا كانت الوسيلة تقضي إلى مفسدة، ولكنَّ مصلحتها أرجح من مفسدتها، فالشريعة لا تبيحها فحسب، بل قد تستحبُّها أو توجبها حسب درجة المصلحة. فهذه القاعدة من المبادئ الهامَّة التي ينبغي الرجوع إليها في شأن التقاء الرجال بالنساء. عنوان الاستشارة التي فصِّل الكلام فيها عن قاعدة سدِّ الذرائع: الدعوة والحجاب أمام غير المسلمة.. مشكلةٌ وحلّ
ب- العمل بتقدير الحاجات والمصالح: بحيث لو تخلَّف شرطٌ أو أدبٌ من آداب هذا اللقاء، نقدِّم ما هو أجلب للمصلحة، يقول الإمام ابن تيمية: "لا ينبغي أن يُنظر إلى غلظ المفسدة المقتضية للحظر إلا ويُنظر مع ذلك إلى الحاجة الموجبة للإذن، بل الموجبة للاستحباب أو الإيجاب".
ج- البعد عن سوء الظنّ: فقد يخالف بعض المسلمين –رجلاً كان أم امرأة- أدباً من آداب اللقاء عن جهلٍ أو ضرورة، وعندها ينبغي على المسلمين أن يحذروا من سوء الظنَّ بإخوانهم وأخواتهم، وليتَّقوا الله ويحفظوا ألسنتهم، وما حديث الإفك وآيات سورة النور فيها عنَّا ببعيد "إذ تلقَّونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علمٌ وتحسبونه هيِّناً وهو عند الله عظيم، لولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلَّم بهذا سبحانك هذا بهتانٌ عظيم" وفي آيةٍ سابقة "لولا إذ سمعتموه ظنَّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا إفكٌ مبين". مع التأكيد هنا على ضرورة ابتعاد المسلم والمسلمة عن كلِّ مواطن الشبهة واحتماليَّة سوء الظنّ، فقد روى الإمامان البخاريُّ ومسلم أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان في المسجد، وعنده أزواجه، فرُحْنَ، فقال لصفيَّة بنت حييّ: "لا تعجلي حتى أنصرف معك"، وكان بيتها في دار أسامة، فخرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم معها، فلقيه رجلان من الأنصار، فنظرا إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم ثم أجازا –أي مضيا-، وقال لهما النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "تعاليا، إنَّها صفيَّة بنت حييّ"، قالا: سبحان الله يا رسول الله، قال: "إنَّ الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإنِّي خشيت أن يُلقِي في أنفسكما شيئا"، ألسنا أولى بذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
د- البعد الشخصيُّ للقضيَّة: هذه القضيَّة –كالعديد من مباحات الدين- يحكمها البعد الشخصيّ، فما هو مباحٌ لدى شخص يحرم لدى الآخر إذا أدَّى به إلى حرام، أو أوشك لذلك غالبا، وهذا أمرُ لا يعلمه إلا الله تعالى، وبالتالي فالمسلم هو المسؤول عنه أوَّلاً وأخيرا، ولا أحد غيره، فليقدِّر كلٌّ منَّا الأمر بقدْره في نفسه، وليتَّقِ الله ربَّه.
وبعد هذه القواعد الثلاث، تعالَ يا أخي رشاد لنرى سؤاليك في ضوئهما:
فالسؤال الأوَّل في تقديم أختٍ لبرنامج سمر، والثاني في رؤية العريس لأخواتٍ يعرفهنَّ تُغنِّين، فأرى –والله أعلم- أنَّ كلا الأمرين لا يجوز، إذ هما خالفا العديد ممَّا ذكرتُ من قواعد، وهي: - عدم اجتناب مواطن الشبهة. - عدم الجدِّية في التخاطب. - خشية أن يؤدِّي ذلك بدرجةٍ كبيرةٍ إلى الوقوع في الحرام، سواءً للأخ أو للأخت.
وأتمنَّى لو حاولت أخي أن تنصح كلَّ طرفٍ بلينٍ وحكمة، إذ ربَّما هم لم ينتبهوا، وإيَّاك ثمَّ إيَّاك من سوء الظنّ، وأعلمني بما فعلتَ يرحمني ويرحمك الله تعالى
المصدر : موقع اسلام اون لاين المستشار : الدكتور / كمال المصري
************************************************************** | |
|